فاتتني صلاة الجمعة امس، فجاءني أحد الأصدقاء مهرولا بعد انتهاء الصلاة، واخبرني أنه فاتني شيء عظيم، فحركت رأسي مبديا موافقتي على ما قال، واخبرته انه فعلا فاتني شيء عظيم، ألا وهو صلاة الجمعة في المسجد.
ولكنه هز رأسه كما هززته ولكنه عكس الاتجاه، حملقت عيناي، واتخذت حواجب عيوني شكلا غريبا، وبدا على ملامح وجهي أني اصبحت مستفزا، ومستغربا هذه الايمائة من صديقي العزيز، فاخبرني أن صلاة الجمعة لهذا اليوم حملت أمرا غريبا، وتجاوز ذلك، ووصفه بالتاريخي، ودخل في صميم مهنتي كصحفي، وأفاد أنه سبق صحفي.
رفعت رأسي وكأني استعد لاستقبال المعلومة، وحسنت من شكل جلوسي على الكرسي قبالته، ووضعت يدي على خدي، وجهزت نفسي لاستقبال هذا الحدث، الذي وصفه صديقي بالتاريخي، وبما أنه حصل في المسجد، فتوقعت أن يكون مثيرا لدرجة ان شهرتي قد تضاهي شهرة وليد العمري وربما قد تتجاوزها إذا نشرته مقرونا بإسمي على وكالة أنباء أو صحيفة.
وبدأت الأفكار تنهال علي من كل حدب وصوب، قبل أن ينطق صديقي بنصف كلمة، فتذكرت المعجزات، واستعرضت الكرامات، وبدأت تلوح في افقي قصص الجن والسحر والمشعوذين، واطباء المفاصل في جنوب البلاد، وأطباء العقم في شمالها، وشيخ في تلك الحارة داوا مرضاً، واخر ساعد إمرأة في الستين على الإنجاب، وخروف بخمس أرجل في بلدة مجاورة، وتيس يحلب في بدلتنا ربما جلب الغنى لصاحبه من غباء الناس، وديك يبيض في مكان لم يبعد كثيرا عن منشأ التيس.
وكون التشاؤل بدت صفة ملاصقة لي، قادني تشاؤلي إلى ان اتمنى ان يكون خبر مسجدنا هذه المره عن طبيب كأطباء المناطق المجاورة، فاحدهم يجري عملية في دقائق، فتقوم وكأنك ولدت من جديد، وآخر يزيل العقم بمجرد ان يمسح بيده على الجبين، فتمنيت أن يكون طبيبنا نحن أهل الوسط يشفي الام المعده، عله يجد لي حلا سريعا يريحني من الألم، فمن حقنا نحن أهل الوسط أن يكون عندنا طبيب على قاعدة "ما حدا أحسن من حدا".
وبينما أنا أقلب أوراق ذاكرتي وإذا بصديق آخر يقتحم المكان، مستفسرا عن ما إذا قد وصل الخبر، هنا شرعا برواية ما حدث، وما فهمته منهما، أن إمام المسجد في حيينا، أعلن لهم على الملأ بأن الساعة ستقوم بعد 59 عاما، وبعد أن افقت من صدمتي، بدأت بتخيل ما رووه لي من صدمة على وجوه المصلين، وما تركه هذا الخبر الصاعق على وجوهم من اثار قد لا تمحوها الساعات القادمة.
استفسرت عن ما استدل به الشيخ المثقف في روايته فاخبراني، بانه ذكر نصف نهار، ونصف اخر، وأحاديث نبوية، وعمر أمم، وقادني فضولي الصحفي إلى أن أصبحت أطرق باب داره، فاستقبلني بترحاب، وبدأ يروي لي رواية قيام الساعة بعد 59 عاما.
ذكر لي حديث نبوي مفاده أن اليهود عاشوا ما سيعيشه المسلمين والنصارى، وحديث آخر ذكر ان النصارى عاشوا 600 عام، واستدل أن اليهود عاشوا 2000-2100 عام، ووصل في النهاي إلا أننا سنعيش 1500 عام، عشنا منها 1441أي السنوات الهجرية إضافة ل 13 عاما قبل الهجرة، فاثبت أن ما تبقى للحياة على هذه الارض هو 59 عاما فقط، منبها إلا أنه ذكر ذلك في خطبة الجمعة كي ينبه الناس لكي يعودوا إلى الله.
خرجت من بيته مشدوها، فزاد تشاؤلي، وأخذت أبحث في الكتب والمراجع، كي أتكد من صحة ما ذكره لي من أحاديث، وأدلة من التوراة والأنجيل، وخلصت إلى ما مفاده أن الشيخ تطرق إلى موضوع كنا جميعا نعتقد أن الخوض فيه حرام، فأيقظنا من سبات عميق، وسواء كان ما ذكره صحيحا أو العكس فإني أقر لهذا الشيخ بالجرأة والفصاحة.
الإثنين أبريل 07, 2008 3:44 am
